اهم الاخبار

حاصدًا ثناء "العملاء" واعتذاره لم يجدي.. موجة غضب عارمة لتطاول "الثني" على القائد الشهيد

بقلم : 28 يناير 2020

أثارت تصريحات رئيس الحكومة المؤقتة، عبدالله الثني، بشأن القائد الشهيد معمر القذافي، موجة غضب عارمة، نقلتها ردود الأفعال الليبية، مؤكدين أن مثل هذه الأكاذيب تبعث على الفتنة، وتزيد الانقسام بين أطياف الشعب، وذلك بادعائه كذبًا أن الزعيم الراحل لم ينشئ مؤسسة عسكرية، مُتناسيًا أنه أحد خريجي المؤسسة العسكرية خلال النظام الجماهيري، مستدلاً بالتجربة العمانية كنموذج للدولة الناجحة التي انطلقت في نفس الفترة تقريبًا التي انطلق فيها النظام الجماهيري.
وانتفض الثني، في مقابلة مرئية له ببرنامج "مواجهة" عبر فضائية "سكاي نيوز عربية"، مهاجمًا النظام الجماهيري على إثر سؤال وجهه مُقدم البرنامج حول ترحُم الليبيين على أيام القائد الشهيد، قائلاً: "إن البلاد شهدت تخلف لمدة أربع عقود من الزمان، حيث انخفض مستوى التعليم، ومستوى أخلاقيات الناس، بنظرية بالية لا تسمن ولا تغني من جوع"، مدعيًا أن سبب الكارثة في ليبيا هو النظام الشمولي للقائد الشهيد، وأن الزعيم الراحل كان ناجحًا على مستوى السياسة الخارجية فقط، وأنه صنع هيبة خارجية لليبيا فقط.
ردود الأفعال الغاضبة لم تتوقف عند الليبيين فحسب، لكنها امتدت إلى المحيط العربي وربما الدولي أيضًا، ممن أقروا بإنجازات القائد الشهيد عبر فترة حكمه لليبيا، معتبرين أن ما يردده الثني يكشف جهل حقيقي لا سيما فيما يخص المؤسسة العسكرية والأمنية، مُستدلين على ما قامت به القوات المسلحة الليبية في فترة الزعيم الراحل من صولات وجولات في مواجهة أقوى جيوش العالم والتي أثبتت فيها أنها لا تقل شأنًا عنهم، فضلاً عن تسليحها بأحدث المعدات والآليات التي تمتلكها القوى الكبرى في العالم.
ولم يكن السؤال الذي وجهه مُقدم البرنامج من فراغ، حيث تناولت وسائل إعلام عالمية مُتابعة لما يمر به الشعب الليبي، ترحُم الشعب الليبي على أيام القائد الشهيد، في أكثر من واقعة وبشهادات موثقة، حيث أبرزت وكالة أنباء "روسيا اليوم"، في تقرير لها تحت عنوان "يترحّمون على زمن القذافي"، مقالة لصحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، والتي جاء فيها: "من يذكر القذافي اليوم بكلمة طيبة هادئة ليس فقط مؤيديه من ملايين الليبيين العاديين الذين فقدوا الحياة الآمنة، إنما أيضًا خصومه، وفي الغرب يدركون أيضًا أنهم ارتكبوا خطأً كبيرًا بالإطاحة به، وقد اعترفوا بذلك".
وعلق مصطفى الزائدي أمين اللجنة التنفيذية للحركة الوطنية الشعبية الليبية، على ما ذهب إليه الثني، دون أن يأتي على اسمه، وقال إن "الأوطان لا تبنى بالافتراءات، ولا تتأسس على الأكاذيب والدعايات".
ومن جانبه انتقد أمين المكتب الشعبي الليبي بتشاد سابقًا، الحاج قرين صالح، ادعاءات رئيس الحكومة المؤقتة، عبدالله الثني، على القائد الشهيد معمر القذافي، عبر إحدى المحطات الإعلامية العربية، قائلا إن "17 فبراير"تعني العدوان الصليبي على ليبيا وشعبها وقيادتها.
وتوجه صالح، في تدوينة له، رصدتها "أوج"، بتساؤل للثني قائلا:"عليك أن تسئل من هم الذين سموها بهذا الاسم، وماذا يعني لهم، وليس كما تقول أنت بأنها ثورة وأن كانت ثورة فهي مبروكة عليك أو ها هي مقسومة عليك".
وواصل موجها كلامه للثني: "عليك أن تعلم أن رموز هذا العدوان هم مجلس الأمن؛ وساركوزي رئيس فرنسا، وكاميرون رئيس وزراء بريطانيا، وأوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، ومن كانوا معهم من قادة الدول الصليبية وبعض الدول العربية عليهم الخزي والعار إلى يوم قيام الساعة، ورغم أنك تعرفهم، لكن لا تستطيع أن تتطاول عليهم رغم كل ما فعلوه فيكم ومازال يا ما تشوف".
وأشار أيضا إلى "الخونة والعملاء والجواسيس من الليبيين الذين تم تجنيدهم من المخابرات الأجنبية وتم شراؤهم من بعض الدول العربية بمبالغ مالية، بما فيها الجامعة العربية التي كان على رأسها عمر موسى الذي استلم عدد من الملايين من الدولارات مثله مثل عبد الرحمن شلقم من قطر مقابل اتخاذ قرار بإحالة ملف ليبيا مشفوع برأي جامعة الدول العربية إلى مجلس الأمن لاتخاذ قرارات غزوهم لها، وهو ما حدث فعلاً في عام 2011م".
واستنكر مستشار رئاسة المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، خالد الغويل، تصريحات الثني، بحق القائد الشهيد، معمر القذافي، واصفا إياها بـ"أكاذيب" من شأنها شق الصف الليبي في لحظة فارقة من عمر البلاد.
وتوقع الغويل في تصريحات لصحيفة الشرق الأوسط، طالعتها "أوج" أن تُحدث اتهامات الثني غضبة واسعة وسط القبائل المحبة للقذافي، وإن لم يقدم رئيس الحكومة المؤقتة عبد الله الثني اعتذاراً عما بدر منه، فمن الممكن أن يتم سحب الشبان الداعمين للمؤسستين العسكرية والأمنية في شرق ليبيا.
وأكد أن مثل هذه الأحاديث تخدم الإخوان والجماعة الليبية المقاتلة، والجيوش الإلكترونية، موضحاً أن الثني تسبب في حرج كبير لخليفة حفتر ومجلس النواب المنعقد في طبرق، وأنه لولا انضمام شباب النظام الجماهيري إلى صفوف القوات المسلحة لما تمكنت من خوض حروبها الأخيرة لتحرير بنغازي ودرنة، ثم طرابلس.
وتوجه رئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية بالمنطقة الجنوبية، علي مصباح أبوسبيحة، برسالة إلى رئيس مجلس النواب المنعقد في طبرق، عقيلة صالح، قائلا: "لا أظنكم لم تسمعوا تهجمات عبد الله الثني رئيس حكومتكم على الزعيم معمر القذافي رحمه الله والذى لازال يحظي بالاحترام والتقدير من غالبية الشعب الليبي وأي إساءة له عندهم من المحظورات".
وأضاف أبوسبيحة، في رسالته التي طالعتها "أوج"، أن ما أقدم عليه الثني يعتبر جريمة فى حق الشعب الليبي عامة؛ لأنها تسبب زيادة في شرخ النسيج الاجتماعي في وقت أحوج ما يكون فيه لجمع الكلمة، لتداعي الأمم عليه طمعا في خيراته.
وهاجم المتحدث باسم اللجنة الشعبية العامة سابقًا، موسى إبراهيم، الثني، قائلا: "كلما حاول قيادات سياسية وعسكرية من أنصار النظام الجماهيري تجاوز طبائع فبراير البائسة ونكبتها التي دمرت الوطن وسلمته لأجنبي أبانت قيادات الكرامة عن تفاهتها التاريخية".
وقال إبراهيم، في تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، رصدتها "أوج": "كلما حاول بعض أنصار النظام الجماهيري، من قيادات سياسية واجتماعية وعسكرية، مدعومين بآلاف الجنود والضباط والناشطين أن يدفعوا بمشروع الكرامة إلى الأمام، وأن يلتقوا مع القوات المسلحة في قواسم وطنية مشتركة، وأن يتجاوزا مع قيادة الجيش طبائع فبراير البائسة ونكبتها التي دمرت الوطن وسلمته للأجنبي، أقول كلما فعلوا ذلك أبانت قيادات الكرامة عن تفاهتها التاريخية، وموت ضميرها الوطني، وغياب حتى الذكاء السياسي عنها".
وسخر المتحدث باسم الحركة الوطنية الشعبية الليبية، ناصر سعيد، باستدلال الثني، بتجربة السلطان الراحل قابوس بن سعيد في سلطنة عمان كنموذج للدولة افتقدته ليبيا في عهد القائد الشهيد معمر القذافي، كما يزعم.
وتساءل سعيد، في تدوينة له، رصدتها "أوج": "هل كان الثني يريد استنساخ النموذج التنموي العماني فقط، أم يريد حتى النموذج السياسي بحيث يوصي القذافي بالحكم من بعده لابنه او ابن عمه؟"، مخاطبا الثني: "سيادة رئيس الحكومة الوهمية، لقد ارتقيت مرتقىً صعباً يارويع النكبة".
وقال رئيس اتحاد القبائل الليبية، طاهر الشهيبي، ردا على تصريحات الثني، وتهجمه علي النظام الجماهيري والقائد الشهيد معمر القذافي بقوله الله عز وجل: “ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين".
وأضاف الشهيبي، في تسجيل مرئي، تابعته "أوج"، أن كل الحكومات المتعاقبة بعد "نكبة 17 فبراير" جميع وزرائها ورؤساء وزرائها من خريخي مدارس وجامعات وأكاديميات النظام الجماهيري بمن فيهم عبد الله الثني، الذي تخرج من الكلية العسكرية ضابطا، وكان أحد أفراد قوات الشعب المسلح، وتدرج في هذه المؤسسة العسكرية إلى أن وصل إلى رتبة عميد.
وتابع: "بعد ذلك يخرج علينا (الثني) متبجحًا ليعلق أخطاءه وأخطاء سابقيه من هذه الحكومات المتعاقبة بعد نكبة فبراير، على أن النظام الجماهير والشهيد القائد معمر القذافي كان سببًا في انهيار وتخلف الدولة الليبية ومؤسساتها، وتناسى أن ليبيا لم تكن رائدة إلا طيلة 42 سنة سواء على مستوى السياسة الداخلية أو الخارجية أو الأمنية أو على مستوى أفريقيا والعالم الإسلامي أو الغربي".
ولم تتوقف ردود الأفعال الغاضبة، حيث نشرت المحامية والناشطة الحقوقية، حنان البرعصي، مقطعًا مصورًا، قائلة: "يا سيد الثني عندما تذكر القائد الشهيد، تذكر أنه الرجل الذي قاوم الأمريكان والأتراك والقطريين، وأعطه حقه، فما أنتم فيه الآن من السبب فيه؟ هل أنصار النظام النظام السابق، لكنكم تقاتلون أحباب الأمس، وأعداء الجماهيرية، وهؤلاء جميعًا كانوا ضد معمر”، مستشهدة بالبنية التحتية لمناطق عديدة مثل مصراتة وغيرها.
ونشر رواد مواقع التواصل الاجتماعي، صورًا للثني قائلين: "عبدالله الثني خريج الدفعه 17 وحضر تخريج الدفعه 49 من ضباط الجيش الليبي ويقول القذافي لم يبني جيش!"، حيث ردوا على تلك المزاعم بقولهم: "هد فيها ثني كان كثرت اعدادك علي.. عنة الله عليك ياثني وعلى فبراير"
كما تناقل العديد من الليبيين رد الأكاديمي الدكتور عقيلة دلهوم، على رئيس الحكومة المؤقتة، والذي جاء فيه: "هذا الأمر استفزني كثيرًا واستفز شريحة عريضة من الليبيين"، مشيرًا إلى أنه لا يظهر على اليوتيوب بهذا الشكل إلا للضرورة، وأنه لم يستطع أن يتجاوز ما سمعه حتى وإن كانت بواعثه وطنية أو اجتماعية، مضيفًا: "في كل الأحوال قررت أن أوجه رسالة لصاحب الكلام..فلو كان مواطن عادي لم تكن هناك أي ضرورة للرد".
ووتابع دلهوم: "لأن هذا الشخص يدعي بأنه رئيس حكومة ومسؤول وبالتالي لزم الرد عليه.. الثني ما ذا يحقق من وراء هذا الخطاب؟، فهذا الكلام لا يقوله شخص عاقل وليس رئيس حكومة، فبعد هذه التصريحات بقائه في الحكومة لساعة واحدة هو كارثة، فهو جاهل أن يقنع شخص واحد بمقولة لها علاقة بالشعب المسلح".
وفي تصعيد أكثر خطورة يُنذر بانقسام داخل المُقاتلين بصفوف قوات الشعب المسلح والقوة المساندة من أبناء القبائل، انتشرت تهديدات للمقاتلين من أنصار القائد الشهيد في معركة في طرابلس ومصراتة بالانسحاب على إثر هذه التصريحات التي وصفوها بغير المسؤولة.
وعلى جانب آخر، وجد الداعمون لحكومة الوفاق غير الشرعية، في تصريحات الثني ملاذًا لهم وفرصة جديدة للهجوم على النظام الذي كان كاشفًا لنواياهم وحقدهم الدفين على ليبيا، فانطلقوا رغم خلافهم مع الحكومة المؤقتة للثناء على تصريحات رئيسها، حيث أثنى رئيس حزب التغيير والمبعوث الشخصي لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق غير الشرعية، جمعة القماطي، على الثني، بعد تهجمه على القائد الشهيد معمر القذافي، بعد أن كان يهاجمه في السابق، بسبب دعمه لخليفة حفتر.
"القماطي" قال في تدوينة له عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، رصدتها "أوج": "عبدالله الثني، وزير دفاع ليبيا ما بين 2012م و 2014م، يدلي بتصريحات تعكس موقفًا شجاعًا ومراجعة جريئة".
وتابع: "مرحبًا بك سيد الثني في طرابلس التي أسقطت في ثورة فبراير الطغاة بصورهم ومقولاتهم، ولم ترفع بعدها إلا علم الاستقلال رمز تضحيات الأجداد، طرابلس التي تحطًم بصمودها اليوم مشروع طاغية جديد".
وفي ذات السياق، أشاد محمود شمام، رئيس مؤسسة الوسط الإعلامية، الذي شغل سابقا منصب رئيس قناة ليبيا الأحرار التي تبث وتمول من قطر وكان أحد المعادين لثورة الفاتح، بتطاول الثني، على القائد الشهيد معمر القذافي، قائلا: "لطمة السيد عبد الله الثني لتيار الجماهيرية الثانية تستحق الثناء".
وزعم شمام، في تدوينة له، أمس السبت، رصدتها "أوج"، أن تطاول الثني وادعاءاته كذبا على القائد الشهيد "تشكل مقدمة لعودة الوعي لجزء لا بأس به من تيار الكرامة الذي ركبه بعض المنظرين والإعلاميين والعسكريين لضخ قتلة ومجرمين في المشهد السياسي وأصبحوا يسيطرون على مفاصل رئيسة في حكومة الثني وحتى في المؤسسة العسكرية والأمنية".
وواصل هجومه على "تيار الكرامة”، قائلا: "ينظر هؤلاء للهياكل الحكومية والعسكرية والأمنية كمركبة لإيصالهم إلى قلب طرابلس ثم اللجوء إلى الانقلاب العسكري للاستحواذ على السلطة والانفراد بها".
وطالب الثني بأن "يطهر أولا الحلقات السياسية والإعلامية المحيطة به والتي تحولت إلى غول ينفذ خطط الثورة المضادة لعودة الحالمين بالاستبداد ويغربل الأجهزة الأمنية التي تحول بعض منها إلى سوط يلسع ظهور المواطنين".
الموجة العاتية من الحراك الذي انطلق في ربوع ليبيا شرقًا وغربًا وجنوبًا وشمالاً، دفعت الثني للتراجع وإصدار بيان صحفي، يعتذر فيه عما بدر منه من تصريحات قائلاً: "لا أقصد الإساءة إلى النظام السابق أو أنصاره أو التيار الذي يمثله، فهم جزء من تاريخ ليبيا ومكون أساسي من مكونات الوطن”، مضيفًا: “بعض التصريحات قد أسيئ فهمها".
وكان الثني، هاجم في مقابلة تليفزيونية مع قناة سكاي نيوز عربية، تابعتها "أوج"، النظام الجماهيري، وادعى كذبا بأن القائد الشهيد معمر القذافي لم ينشئ مؤسسة عسكرية، وتناسى أنه أحد خريجي المؤسسة العسكرية خلال النظام الجماهيري، كما استدل بالتجربة العمانية كنموذج للدولة الناجحة.
وقبل ثماني سنوات، نفذت فرنسا مخططها مع دويلة قطر، للتخلص من القائد الشهيد، وأظهرت الأدلة والوثائق تورط تنظيم الحمدين في تمويل ودعم المليشيات الإرهابية وجماعة الإسلام السياسي، لنشر الفوضى في البلاد.
وبدأ سيناريو التدخل القطري الفرنسي لتدمير ليبيا، ليس فقط بإثارة الفتن في البلاد، بل أيضا بدعم التدخل العسكري لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، وصولا إلى القصف العنيف والعشوائي على سرت واغتيال القائد في الـ20 من شهر التمور/ أكتوبر 2011م.
وتمر ليبيا بأزمة سياسية عسكرية مستمرة، منذ العام 2011م، حيث يتنازع على السلطة حاليًا طرفان، هما؛ حكومة الوفاق المدعومة دوليًا، بقيادة فائز السراج، والطرف الثاني، حكومة شرق ليبيا المؤقتة، والتي يدعمها مجلس النواب المنعقد في مدينة طبرق